رسائل جبران خليل جبران لمى زيادة

انت تحين فى وانا احيا فيك

وصفها بالدقيقة والقوية والغريبة

وصف الحب بأنه عاطفة نفسية وعنصر شفاف..كأنه اغنية عميقة، هادئة نسمعها فى سكينه الليل فانتقل بنا إلى ما وراء الليل إلى ما وراء النهار إلى ما وراء الزمن إلى ما وراء الأبدية.

كانت مى فى حياة جبران الصديقة والحبيبة الملهمة وشقيقة الروح.

احب فيها المرأة الحلوة الذكية على طريقته هو وكان أكثر ما احبه فيها عقلها النير الذى تجلى فى مقالاتها وكتبها.

مى وهى أديبة مرهفة الشعور رومنطيقية النزعة وامرأة متمسكة بالتقاليد الشرقيه، تحررت فكريا لكنها اتسمت بالانطواء عل النفس. لقد أحبت مى جيران حبا كبيرا، أحبته كثيرا وبحنو..

إننا نلحظ تردد مى فى الاعراب عن مشاعرها وتشككها فى عواطف جبران نحوها، كما نلحظ خشيتها من الانطلاق على سجيتها فى مراسلته وتراجعها السريع بعد كل اقدام.

لقد حاولت التخلص من الشكوك والمخاوف والأوهام أكثر من مرة ولكنها أخفقت فى تلك المحاولات بل ندمت عليها بسرعة

ما معنى الذى اكتبه؟ انى لا اعرف ماذا أعنى به، ولكنى اعرف انك محبوبة وامى اخاف الحب. اقول هذا مع علمى بأن القليل من الحب كثير.كيف أجير على الاعضاء اليك بهذا. وكيف أفرط فيه؟ لا أدرى. الحمد لله أننى تكتبه على الورق ولا اتلفظ به، لانك لو كنت الان حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام ولاختفيت زمنا طويلا فما ادعك تراني الا بعد أن تنسى.

قل لى انت ما هو. وقل لى ما إذا كنت على ضلال أو هدى فأنى اثق بك وأصدق بالبداهة كل ما تقول! وسواء أكانت مخطئة ام غير مخطئة فإن قلبى يسير اليك وخير ما يفعل هو أن يظل حائماً حولك، يحرسك وبحنو عليك.

نيويورك ٢٥ تموز ١٩١٩

منذ كتبت اليك حتى الآن وانت فى خاطري. ولقد صرفت الساعات الطوال مفكراً بك مخاطباً اياك مستجوبا خفاياك مستقصياً أسرارك. أنت بالطبع تستغربين هذا الكلام.. وانا استغرب حاجتى واضطرارى إلى كتابته اليك. وحبذا لو كان بإمكان معرفة ذلك السر الخفى الكائن وراء هذا الاضطرار وهذه الحاجة الماسة.

A very complicated way to say that he loves her,

ففى الآونة الأخيرة قد تحقق لى وجود رابطة معنوية دقيقة قوية غريبة تختلف بطبيعتها ومزاياه وتأثيرها عن كل رابطة اخرى، فهى أشد وأصلب وأبقى بما لا يقاس من الروابط الدموية والجنينية حتى والأخلاقية. وليس بين خيوط هذه الرابطة خيط واحد من غزل الايام والليالي التى تمر بين المهد واللحد. وليس بين خيوطها خيط عزلته مقاصد الماضى أو رغائب الحاضر أو أمانى المستقبل، فقد تكون موجودة بين اثنين لم يجمعهما الماضى ولا يجمعهما الحاضر- وقد لا يجمعهما المستقبل.

محاولة جبران شرح هذه الرابطة مع مى

ويسهب جبران قائلاً، استعطفك يا صديقتى أن تكتب الى، واستعطفك لن تكتب إلى بالروح المطلقة المجردة المجنحة التى تعلو فوق سبل البشر. انت وانا نعلم الشىء الكثير عن البشر، وعن تلك الميول اللتى تقربهم من بعضهم البعض. فهلا تنحينا، ولو لساعة واحدة، عن تلك السبل المطروحة ووقفنا محدقين، ولو لمرة واحدة، بما وراء الليل، بما وراء النهار، بما وراء الزمن، بما وراء الأبدية.